إرهاصات الجنون
نشر الاثنيـن 18/07/2011 الساعة 15:41
الكاتب: محمد الرفاعي
-حالة المغص، علامة الامتعاض وسخف الأحوال تصيبك فجأة حيثما وليت وجهك نحو أي موضوع، في السياسة إمساك وفي الاقتصاد إسهال وفي الاجتماع تلبك وفي الثقافة حالة من الاشمئزاز والقرف المدقع والمراجعة.
أعراض يمكن لأي منا أن يصاب بها فجأة، ومفاجآت لا نتوقعها تحدث في كثير من الأحيان بحيث تتحول إلى عادة طبيعية تواكب سلوكنا اليومي، فمثلا أن يطلب منك الموظف أن تعطيه ورقة فتقول له الملف موجود على لفلاش (أحد الاكتشافات الالكترونية الصغيرة)، يحدق فيك وعلى امتعاض يطلب منك فلاشتك –من غير شر- يدخلها في جهاز الكمبيوتر، فيما أنت مرمي على أحد الكراسي تحدق الى ساعتك التي أكل منها الزمن ربع ساعة وأنا بانتظار الفهمان ابن الفهيم أن يطبع الورقة، تمضي نصف ساعة أخرى ولكن دون جدوى، تصل لحالة (بطلت تفرق) تسأل الموظف: "شو صار بالورقة صارلي ساعة بستنى"، ثم تهترأ مرارتك كليا عندما تجد أن الموظف لا يعرف كيف تفتح هذا الاختراع الصغير الذي اسمه فلاش ميموري.
تحاول انقاذ الموقف، تلتف خلف مكتبه بعد امتعاض من الموظف وتطبع الورقة وتسلمها للفهمان وتخرج، تحاول شراء الجريدة، لا شيء جديد سوى مدارات لا منتهية من الأمور المحلية والعالمية المعقدة، أمام أول مكتبة يوقفك كتاب، ومن الطبيعي أن تخرج مسرعا من المكتبة لأن الكتاب أصبح سعره بنفس أسعار كيلو لحمة خروف، تحاول تهدئة نفسك من الأزمة النفسية التي بدأت تشعر بها، تسحب علبة المداد من حقيبتك المتهرئة، تدخن أول سيجارة تلمسها أصابعك ولكنك لا تستطيع تدخينها خوفا على المارة، لأن رائحة السيجارة العربية تحيي الميت وتميت الحي، تعيدها بأدب إلى مكانها الاستراتيجي.
تحاول أن تمشي في الأرصفة، لكن الرصيف تحول الى ملك للتجار وفي حسبة سريعة للموضوع يملك متجرا ويحتل الرصيف ويركن سيارته بجانب البضاعة، ماذا بقي لنا؟ هل نمشي في الهواء مثلا.
مجرد ارهاصات عابرة كان لا بد منها