مر أسبوع وها أنا ما زلت أحاول ترجمة أفكاري لخطوط تحتل ورقة، خطوط تصف معارك ذاتي مع ذاتي، معارك تراكمت بعد مكوثي 22 سنة بين حدود سيجتها وعقلية مجتمع يرفضني بتهمة أنني لم أوقع وثيقة الانتساب.
في الأسابيع الأخيرة حاولت جاهدةً خلع زيّ التمرد والانصياع للأوامر كطفل صغير لا يدرك الخطأ من الصواب، مجرد من كل شي حتى من ذاته، مُهمش في كل شي يبحث عن ذاته بتُ أتخبط بين نصائح فلان وتوصيات آخر معتقدةً أن العالم خلق بوجه واحد لونته ريشتهم الخاصة.
أخذت أجوب معتقداتهم رويداً رويداً لعلي أجد بين ما يمضغونه من كلام مصور سبباً مقنعاً لتوقيع تلك الوثيقة، قليل من الوقت حتى أصبحت متعطشةً لكل شيء فانا بحاجة لمخزون كبير من مواد تفسير الأمور المبهمة أو المبهمة بالنسبة لي، بعد المحاولات المتكررة والكثيرة كانت الخيبة تعتريني وراء كل تحليل جديد من تحليلاتهم الغير منطقية التابعة لكتاب الشرعيات "الغير مكتوب" أصلاً لان من نصه لا أظنه يجيد الكتابة أو حتى التفكير !
ما يميزهُ فقط قدرته العجيبة لترجمة الأمور بمنطقه الخاص وتعميمها كمنطق عام!، ظناً منه أن السذاجة ستغزو بلادنا للأبد، متجاهلاً جيلاً قادماً يحتاج إجابات منطقية مقنعة، فأن تكون منطقياً أفضل من أن تكون شرعياً !!
مع مرور الوقت والحقائق بدأتُ عملية الاستكشاف بطريقة عفوية، مثلاً كالنظر لجميع الزوايا واستراق السمع خلف جميع الأبواب لعلي أتعثر بحقيقة تعنيني أو صدى واقع يغريني بتوقيع وثيقة الانتساب تلك، انتسابٍ لمجتمعٍ لا أعي في أي درجة من درجات الصواب يمكث.
لم اسكب اهتمامي بالتضاريس الكبيرة فقط، بل كنتُ كعابث صغير ينبش التضاريس الصغيرة محاولاً رؤية ما وراء الأشياء المرئية فهو يبحث بإصرار وتحدي عن مفاتيح لعالمه الغير مرئي.
ولطالما احتجتُ للحظات أخلو بفكري وحيدةً استمع لهمساتي، ارقب أنفاسي وأعيد صياغتها من جديد لعلي استطعت الانخراط بين حبيبات هذا المجتمع ومفاهيمه، لكن للأسف دائماً كان يستقبلني بأنانيته الشرسة، لم يتح لي الفرصة بدقيقة انزواء إلا وقد وضع بصمةً من بصماته غيرت مجرى تنفس لدي، لا يهمه أي هواء استنشق ملوثاً أم نقياً، كل ما يعنيه أن يكون ذاك الهواء مركب بطريقته الخاصة .
غريبٌ أمرك يا مجتمعنا العظيم ، فبرغم هرمك وتجاربك ألم تدرك لليوم انه من الصعب عَلى الإنسان أن يسكن جسداً غير جسده، والأصعب من ذلك أن يكون جسداً لا يشتهيه أصلاً فما اريُك إن كان مبرمجاً بعالم لا يحتويه قطعاً، أعلم انه عندها سيموت حياً.
بتُ أوجس أن هنالك مجتمعات تفرض عليك أن تكون شخصياً غيرك لتسكنها، فلا يحق لك الاعتراض وان أردت الاختلاط أصغِ للشروط وانحني ...